الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تونس بحاجة الى نظام قويّ وعادل

نشر في  16 أفريل 2014  (10:59)

 بقلم: محمد المنصف بن مراد

تمرّ بلادنا بمرحلة صعبة على جميع الأصعدة.. فخلال حكومة الترويكا ورئاسة المرزوقي حطّمت كل الجدران السياسية والأخلاقية والمهنية حتى باتت الدولة تسمح بكلّ التحرّكات الاجتماعية والسياسية والعنيفة والارهابية لأنّ الأحزاب الحاكمة لم تقرر مواجهة المشاكل امّا لحسابات سياسية حزبية أو تجنّبا لردود فعل ستزعجها وتقلص من حظوظها في الانتخابات المقبلة.. لقد صارت الدولة في خدمة الأحزاب الحاكمة قبل ان تكون في خدمة الشعب.. ولقد عاين التونسيون الأداء الهزيل لأغلب الوزراء وانعدام كفاءتهم في تصريف شؤون البلاد حتى أضحوا خطرا على تونس ومستقبلها، علما انّ شقّا كبيرا منهم حرص على انتداب «الموالين» والأصدقاء والتهجّم على المعارضة والحركة الديمقراطية والإعلاميين...
في الأثناء تمّ اغتيال الشهداء لطفي نقض ومحمد بالمفتي وشكري بلعيد ومحمد البراهمي وهو ما أثار سخط جلّ التونسيين، كما ذقنا الأمرّين من الأوساخ والتهاب الأسعار وانتشار الارهاب وخاصّة اعتماد الحكومة ميزانية تشكون عجزا ماليا يناهز 5000 مليار، أي انّ الميزانية (التنمية والأجور وصندوق الدعم) حدّدت انطلاقا من مال غير متوفّر بمعنى انّ تونس ستتداين بـ5000 مليار (إذا قدرت على ذلك) لإكمال الميزانية وإلى يومنا هذا هناك احتمالات جدّية بعدم خلاص الجرايات ومنح المتقاعدين إذا لم تقترض الحكومة أموالا طائلة سيجبر أبناؤنا وأحفادنا على التكفّل بها وارجاعها علاوة على الديون الأخرى المتخلّدة في الخزينة التونسية والتي تفوق 30.000 مليار!
وفي ظلّ عدم وجود حكومة واعية ومسؤولة ومحترفة ومحايدة دمّرت كلّ الجسور فتفاقمت المطالب وأصبح الأفراد ومنظّمات الشغل والمجموعات يطالبون بالترفيع في الأجور وبالشغل والمنزل والطرقات!
ورغم انّ الخزينة شبه فارغة تعاملت حكومة الترويكا مع الميزانية وخدمت  أنصارها دون اي أخلاق إذ انتدبتهم وقدّمت لهم امتيازات وتعويضات مما أفرز المطلبيّة المشطّة وان كان لبعض المواطنين  وبعض الولايات الحقّ في تقديم مطالب مشروعة.. اضافة لكلّ هذا لم يعمل اتحاد الشغل ـ في بعض الحالات ـ على تهدئة الأوضاع حتى أصبحت المئات من المؤسّسات الوطنيّة والأجنبيّة مهدّدة في وجودها.. ولقد كان من المفروض ان تتحاورالحكومة مع اتحاد الشغل ـ الذي حمى تونس وثورتها  من مشروع «المتطرّفين» في النهضة والمؤتمر ـ للاتفاق على سياسة  زيادات في الأجور انطلاقا من «واقع الخزينة» اي امكانيات البلاد.. وانّي أقترح على السيد جمعة ان يتشاور مع اتحاد الشغل واتحاد الأعراف للاتفاق على سياسة الأجور والزيادات وصندق التعويض وإلا فشلت كل خيارات الحكومة الحالية وستحلّ بتونس الكارثة الكبرى..
وأمام الاضطرابات والانفلاتات والشّعارات في السياسة الأمنية لمكافحة العنف والارهاب انّ تونس اليوم وغدا بحاجة إلى نظام قوي وعادل وديمقراطي يفرض الأمن ويحارب الارهاب بكل جدّية وحزم ويجعل الولايات مصدر تصوّر وتنفيذ السياسة التنموية ويقطع تماما مع الفساد ولا يستجيب للطلبات المشطّة في الترفيع في الأجور الاّ في حالات استثنائيّة ولا يرضخ للمطالبة المشطّة مهما كانت الانعكاسات حتى يفهم الجميع انّ هناك دولة وقوانين يجب احترامها! ومع كلّ هذا على الدولة ان تحمي حرية الإعلام الذي وقعت قطاعات منه تحت نفوذ المال وبعض الأحزاب واستقلاليّة القضاء التي دمّرتها حكومة الترويكا و«تشليك» الدولة واضعاف الأمن الذي لمسناه بكلّ ألم!
فتونس في حاجة لحوار وحكومة قوية وعادلة وديمقراطية لاتخضع للمصالح الحزبية التي دمّرت نسبيا الدولة التونسية.. انّ ايّ ضعف للدولة امام المطالب الغير المعقولة والعنف والارهاب سيهدد استقرار كل الشعب ونمط حياته الوسطيّة.. انّي لم أطالب برئيس ديكتاتو بل بحكومة قويّة تتجاور دون اي ضعف مع كلّ مؤسسات المجتمع وتكون أيضا عادلة ومصغية لمطالب الشباب والنّخب في حدود ما يحتويه الصندوق La Caisse..
وإذا كان لتونس نظام مائع أو ضعيف أو منحاز سياسيا أو ظالم «فسيهدينا» المستقبل الارهاب انطلاقا من ليبيا ومن المتشدّدين التونسيّين وكذلك الافلاس الاقتصادي وتدمير ما تراكم من حضارة منذ 3000 سنة!
إنّ تونس بحاجة الى نظام قوي وعادل وديمقراطي لاعلاقة له بالديكتاتورية أو الفوضويّة!